برغم أدائه السياسي في الفترة الأخيرة، والذي أثار غضب العديد من المسلمين داخل الولايات المتحدة وخارجها، لا يزال الرئيس أوباما يمثل الشخصية الكاريزمية لعدد غير قليل من مسلمي الولايات المتحدة البالغ عددهم سبعة ملايين مواطن، حتى أن استفتاء نشرته الصفحة الإخبارية لمركز "أيوا" على الإنترنت في 26 نوفمبر 2011 أكد أن الرئيس "أوباما" لا يزال يتمتع بتأييد 79% من مسلمي أمريكا
إلا أن ثمة استقطابا جمهوريا جديدا قديما لأصوات الناخبين المسلمين تشهده الساحة الانتخابية الأمريكية مؤخرا بشكل موسع على يد المرشح الجمهوري "رون بول" بعد حالة النفور السياسي التي يشعر بها المسلمون الأمريكيون من المعسكر الجمهوري على مدى الأعوام الماضية
فبعد عمليات الانسحاب الجماعي التي قام بها مسلمو الولايات المتحدة من عضوية الحزب الجمهوري وتراجع نسب التصويت لهذا الحزب في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، ولا سيما إبان ولاية بوش الابن (2000- 2008)، إلا أن استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخرا تشير بوضوح إلى عودة المسلمين من جديد إلى المعسكر الجمهوري لدعم حملة "بول" الانتخابية حتى صار يمثل التحدي الأكبر والأكثر خطورة على شعبية "أوباما" في الأوساط الإسلامية
لقد نجح "بول"، الذي يروق للعديد من المسلمين في الولايات المتحدة أن يطلقوا عليه "الجمهوري المتمرد"، ببراعة في كسب تعاطف وتأييد مسلمي أمريكا من خلال أدائه البرلماني عضوا في الكونجرس عن ولاية تكساس، وانتقاده للسياسة الخارجية الأمريكية التي أقحمتها عسكريا في العديد من بلدان الشرق الأوسط في مغامرة غير محسوبة كلفت الولايات المتحدة، إلى جانب الأعباء المالية التي ناء بحملها الاقتصاد الأمريكي، عداء الجماعات والشعوب الإسلامية وأوقعت البلاد في آتون حرب عصابات لا تجيدها العسكرية الأمريكية، ووضعت الولايات المتحدة في مربع "العدو البعيد" أو"الشيطان الأكبر" في العقل الجمعي العربي والإسلامي
كذلك هاجم النائب الجمهوري، البالغ من العمر ستة وسبعين عاما، بشدة استخدام سلاح الطيارات من دون طيار لضرب المناطق الحدودية ببين أفغانستان وباكستان ومنطقة القبائل الباكستانية، الأمر الذي استعدى هذه القبائل ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف التي تعمل تحت قيادتها
وفي الوقت الذي هدد فيه أوباما باستخدام حق الفيتو ضد عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، كان "الجمهوري المتمرد" ينتقد بضراوة سياسة الدعم الأمريكي اللامحدود للدولة العبرية، بشقيه المادي والسياسي، ويطالب بوضعها موضع المراجعة والتدقيق
كذلك حمًل "بول" المؤسسة السياسية الأمريكية وزر تبديد أموال دافعي الضرائب الأمريكية في دعم أنظمة متهافتة ومنتهية الصلاحية وعجز هذه المؤسسة عن قراءة الواقع العربي الذي لم يصمد طويلا أمام موجات التغيير في موسم الربيع العربي
الكاتب : أحمد بركات،إسلام أون لاين